روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | زيارة.. البقيع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > زيارة.. البقيع


  زيارة.. البقيع
     عدد مرات المشاهدة: 2373        عدد مرات الإرسال: 0

أولًا: فضل البقيع:- قالت عائشة رضي الله عنها: لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ؛ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ[1] رُوَيْدًا.

فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ، فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلاَّ أَنِ اضْطَجَعْتُ..
 
فَدَخَلَ فَقَالَ: "مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً[2]". قالت: قلتُ: لا شيء. قال: "لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الخَبِيرُ". قالت: قلتُ: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي. فأخبرْتُهُ، قال: "فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟" قلت: نعم. فَلَهَدَنِي[3] فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قال: "أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟" قالت: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ. قال: "فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي". فقال: "إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ"..
 
قالت: قلتُ: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: "قُولِي: السَّلاَمُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلاَحِقُونَ"[4].
 
- قال أَبُو مُوَيْهِبَةَ-رضي الله عنه- مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ، فَانْطَلِقْ مَعِي". فانطلقتُ معه في جوف اللَّيل، فلمَّا وقف عليهم قال: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ المَقَابِرِ، لِيُهْنِكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطْعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الآخِرَةُ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى". ثمَّ أقبل عليَّ، فقال: "يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ، إِنِّي قَدْ أُوتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالخُلْدِ فِيهَا ثُمَّ الجَنَّةُ، فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي". قلتُ: بأبي أنت وأمِّي! خُذْ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الدُّنْيَا وَالخُلْدَ فِيهَا ثُمَّ الجَنَّةَ. قال: "لاَ وَاللهِ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ؛ لَقَدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي". ثُمَّ اسْتَغْفَرَ لأَهْلِ الْبَقِيعِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَبُدِئَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ[5].
 
ثانيًا: سنة زيارة البقيع:

- يُسَنُّ لزائر المدينة زيارة البقيع، ويدعو بالدعاء المأثور: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية".
 
- يمكن للزائر أن يدعو لعامَّة أهل البقيع، ويمكن له أن يدعو للصحابة والصحابيات الذين نعلم أنهم قد دُفنوا فيه.
 
- يحذر الزائر من الوقوع في البدع والمنكرات الخاصة بزيارة القبور؛ مثل: التمسُّح بها، أو التبرك بها، أو الجلوس عليها، أو الصلاة فيها، أو طلب الحاجة من الموتى، أو التوجُّه بالدعاء إلى قبر من القبور، أو النياحة ورفع الصوت بالبكاء، أو لطم الخدود وشقِّ الجيوب... أو غير ذلك من منكرات انتشرت بين الكثيرين.
 
[1] أجاف الباب: رده.
[2] حشيا؛ أي: حشياء ومعناه: وَقَدْ وَقَعَ عَلَيْكِ الحَشَا، وَهُوَ الرَّبْوُ وَالتَّهَيُّجُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلمُسْرِعِ فِي مَشْيِهِ وَالمُحْتَدِّ فِي كَلاَمِهِ مِنَ ارْتِفَاعِ النَّفَسِ وَتَوَاتُرِهِ، يُقَالُ: امْرَأَةٌ حَشْيَاءُ وَحَشْيَةٌ، وَرَجُلٌ حَشْيَانٌ وَحَشَشٌ، قِيلَ: أَصْلُهُ مَنْ أَصَابَ الرَّبْوُ حَشَاهُ. وَقَوْلُهُ: رَابِيَةً. أَيْ مُرْتَفِعَةَ الْبَطْنِ. النووي: المنهاج 7/43.
[3] لهدني: دفعني.
[4] مسلم (974)، والنسائي (2164)، وأحمد (25897).
[5] أحمد (16040)، والدارمي (78)، وقال حسين سليم أسد: إسناده جيد. والحاكم (4383)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر: هذا حديث حسن. انظر: نتائج الأفكار 5/26.
 

الكاتب: د. راغب السرجاني

المصدر: كتاب (الحج والعمرة.. أحكام وخبرات) للدكتور راغب السرجاني